تمكن الجيش الإسلامي في عهد عمر رضي الله عنه من دخول مصر وطرابلس على يد عمرو بن العاص (فتح مصر 22 هـ-643 م)، وقد أمره الخليفة عمر بالتوقف في طرابلس خوفا من حدوث انتكاسة، حيث عرفت القبائل البربرية بالعصيان والتمرد، وفي عهد عثمان رضي الله عنه أصدر أمرا إلى والي مصر عبد الله بن سعد بن أبي السرح لفتــح شمــال إفريقــيا بـ 20000 مقاتل . وعند معركة سبيطلة، قاوم الجيش الإسلامي جيشا قوامه 120000 مقاتل من الرومان و انتصروا عليه بعد وصول إمدادات بقيادة عبد الله بن الزبير، وبعد عقد الصلح من قبل جماعة من المسلمين صارت شمال إفريقيا بدون حاكم وصار رؤساء العشائر أحرارا يدفعون فقط مبالغ مالية للمسلمين . وبعد علم الرومان بصلح خليفة قائدهم في المعركة قاموا بإرسال جيش إلى شمال إفريقيا وتمكنوا من استرداد نفوذهم.
أصدر الخليفة أمرا إلى والي مصر، معاوية بن خديج، سنة 666 ميلادي (45 هـ) لإعادة بسط نفوذ المسلمين على شمال إفريقيا، ونجح في إسقاط بنزرت وجربة وسوسة ولكن استدعاه الخليفة وحل محله عقبة بن نافع الذي أرسله الخليفة معاوية بن أبي سفيان مع جيش به 10000 مقاتل لإقامة حكم إسلامي دائم. وعيّن واليا على إفريقيا سنة (50 هـ- 669 م) وأنشأ القيروان.
ولكن تم عزل عقبة وتعيين مسلمة بن مخلد الأنصاري لولاية مصر وإفريقيا وقام هذا الأخير بعزل عقبة واستبداله بوالي جديد على إفريقيا وهو أبا المهاجر دينار الذي حكم من ذلك إلى غاية سنة 62هـجري الموافقة لسنة682 ميلادي، وقد استولى هذا القائد على قسنطينة وجعل ميلة مركز القيادة لولايات شمال إفريقيا وألحق هزيمة بالقائد البربري كسيلة.
بعد وفاة معاوية وتولي يزيد الحكم أعيد تعيين عقبة على ولاية إفريقيا (62-682 م) وقــام هذا الأخير باعتقال أبا المهاجر وأجبره على السير معه لفتح الأوراس وطنجة، وفي طريق عودته من هذا الفتح، تمكن كسيلة من فــك القيد وجمع أنصاره لمحاربـة عقبة العائــد إلى القيـروان، وفي مدينة بسكرة وقعت معركة بين كسيلة، وعقبة وأبا المهاجر واستشهد البطلين (63 هـ- 682 م) . و احتل كسيلة مدينة القيروان، وبعد هذا عين الملك عبد الملك بن مروان (69-688 م) خليفة عقبة وهو زهير بن قيس البلوي واليا على إفريقيا الذي قام بجمع 2000 مقاتل من البربر و4000 من الخليفة وجرت المعركة التي قتل فيها كسيلة، وقد ظن القائد المسلم أن الأمن قد رجع فتنازل عن الولاية بمحض إرادته ورجع إلى برقة، لكن الرومان فاجأوه وهاجموا المدينة وقتلوه (71هـ - 695 م).
أمر الخليفة عبد الملك بن مروان بتشكيل جيش به 40000 مقاتل على رأسه حسان بن النعمان الذي هجم على مدينة قرطاجنة فدمرها، ثم دخل سبتة والأوراس حيث قام بمعركة مع الكاهنة التي اعتقدت أن المسلمين يبحثون عن الغنائم، وقد هزمت جيش المسلمين وأمرت بعد ذلك بحرق الغابات والتخلص مـن الثروات التي كانت تعتقـد أنها سبب مجيء المسلميـن إلى المنطقة غيـر أن تصرفها الأخير خلق استياء البربر مما أدى بهم إلى التعاون مع حسان بن النعمان ضدها، وفي سنة (81-700م) عاد حسان ومعـه مدد من الخليفة بقيادة خالد بن يزيد وقام بقتل الكاهنة بعد معركة بين الجيشين(82-701) وانظم 12000 مقاتل من جيش الكاهنة إلى المسلمين.
وعاد حسان إلى القيروان ثم عزله عبد العزيز بن مروان والي مصر (85 هـ-704) وعين موسى بن نصير واليا على شمال إفريقيا وقام بإخضاع القبائل المتبقية، وانطلق من القيروان إلى طنجة يطرد الرومان، وقد ساعده في ذلك طارق بن زياد المتولي لجيش المسلمين لفتح الأندلس .
ثانيا: ماهية الدولة العثمانية:
الدولة العثمانية (1517-1924 م) بعد انتهاء الخلافة العباسية في مصر بإقصاء المتوكل عن الحكم، تولى السلطان سليم العثماني السلطة ودخل العثمانيون القاهرة بعد انتصارهم العسكري على ما تبقى من المماليك في مصر . وبهذا بدأ عثمان بن أرطغول مؤسس بيت عثمان الذي بدأ حياته سيّدا لبني عثمان تحت سلطة السلجوقيين الأتراك أبناء عمومتهم، وقد أعلن عثمان استقلاله السياسي عن الحكم السلجوقي بعد وفاة أبيه 1426 بطريقة دبلوماسية قبلها السلجوقيين حيث أخذ الحكم الذاتي على منطقة غربي الأناضول. وقد شن بعد ذلك حروبا عديدة على جيرانه البيزنطيين في منطقة البلقان وتوسع حلفاؤه في منطقة آسيا الصغرى حتى فتح محمد الفاتح مدينة القسطنطينية 1453م .
لقد حكم الخلفاء العثمانيون بقانونهم القبلي وتقاليدهم الوطنية الممزوجة بمفاهيم إسلامية، فمثلا كانت الخلافة تتم عن طريق التوارث وكانت محصورة في آل عثمان فقط، وقد جمع الخليفة العثماني بيــن السلطة التشريعيــة والتنفيذيـة وكانت قراراتــه تخضع للأصول الثلاث: القرآن، السنـة، وقرارات ومنهاج الخلفاء الراشدين .
ثالثا: ماهية الدولة الجزائرية في العهد العثماني
لقد خضعت الدويلات التي كانت موجودة في المغرب الإسلامي وعلى الخصوص الجزائر إلى الهجمات الأجنبية عن طريق القراصنة، فتعرضت الجزائر إلى قرصنة الإسبان والبرتغاليين، فبعد سقوط غرناطة 1492م وإصدار الحكومة الإسبانية سنة 1499م مرسوم تنصير أبناء المسلمين في الأندلس قررت الدول الأوروبية اقتسام النفوذ بالمغرب الإسلامي، حيث توسع البرتغاليون في المغرب والإسبان في الجزائر والإيطاليون بتونس وبهذا سقطت بعض المدن الساحلية من شمال أفريقيا، فسقط المرسى الكبير في يد الإسبان سنة 1505م، وسقطت وهران سنة 1509م، وبجاية سنة 1510م. وفي هذه الفترة وخلال مطلع القرن السادس عشر الميلادي لمع اسم بابا عروج وخير الدين الذين اشتهرا بجهادهما من أجل إنقاذ بواخر المسلمين الفارين مـن الاضطهاد الإسباني، وبروزهما كقوة مضادة للقرصنة الأوروبية في البحر الأبيض المتوسط. ولهذا استنجد بهما سكان الجزائر، فقام سكان بجاية بطلب المساعدة منهما 1512 وسكان تلمسان، من أجل القضاء على السلطان أبي حمو الثالث الذي تحالف مع الإسبان، وقد تمكن من طرد الإسبان من تلمسان ولكن توفي عروج في تلك المعارك 1518 م، وبعد هذا عمل خير الدين على إقناع الجزائريين بضرورة الانضمام إلى السلطة العثمانية التي تزود بالسلاح والمؤونة والدعم السياسي لمواجهة الهجمات الإسبانية، وتمكن بالفعل من تقوية جيشه وصار ممثلا للسلطان التركي بالجزائر . وبعد كل هذه الانتصارات قام السلطان سليمان العثماني باستدعاء خير الدين إلى القسطنطينية 1535م وعينه قائدا للبحرية التركية التي كسرت الإسبان ومحاولاتهم
[u][center]