مفهوم الفساد الإداري : يقصد بالفساد الإداري وجود الخلل في الأداء نتيجة الخطأ والنسيان وإتباع الشهوات والزلل والانحراف عن الطريق المستقيم . ويذكر مقال ( الفساد الإداري والمالي 1 : 1 ) أن الفساد هو : " سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة " .
يذكر ( بحر : 1 ) أن الفساد الإداري يحتوي على قدر من الانحراف المتعمد في تنفيذ العمل الإداري المناط بالشخص , غير أن ثمة انحرافا إداريا يتجاوز فيه الموظف القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيء بسبب الإهمال واللامبالاة , وهذا الانحراف لا يرقى إلى مستوى الفساد الإداري لكنه انحراف يعاقب عليه القانون وقد يؤدي في النهاية إذا لم يعالج إلى فساد إداري .
أنواع الفساد الإداري : يقسم ( الشميمري : 26 ) الفساد الإداري إلى أربع مجموعات , وهي :
1. الانحرافات التنظيمية , ويقصد بها تلك المخالفات التي تصدر عن الموظف في أثناء تأديته لمهمات وظيفته والتي تتعلق بصفة أساسية بالعمل , ومن أهمها :
• عدم احترام العمل , ومن صور ذلك : ( التأخر في الحضور صباحا – الخروج في وقت مبكر عن وقت الدوام الرسمي – النظر إلى الزمن المتبقي من العمل بدون النظر إلى مقدار إنتاجيته – قراءة الجرائد واستقبال الزوار – التنقل من مكتب إلى آخر ..... ) .
• امتناع الموظف عن أداء العمل المطلوب منه , ومن صور ذلك : (رفض الموظف أداء العمل المكلف به – عدم القيام بالعمل على الوجه الصحيح – التأخير في أداء العمل .... ).
• التراخي , ومن صور ذلك : ( الكسل – الرغبة في الحصول على أكبر اجر مقابل أقل جهد – تنفيذ الحد الأدنى من العمل .... ) .
• عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء , ومن صور ذلك : (العدوانية نحو الرئيس – عدم إطاعة أوامر الرئيس – البحث عن المنافذ والأعذار لعدم تنفيذ أوامر الرئيس ..... ).
• السليبة , ومن صور ذلك : ( اللامبالاة – عدم إبداء الرأي – عدم الميل إلى التجديد والتطوير والابتكار – العزوف عن المشاركة في اتخاذ القرارات – الانعزالية – عدم الرغبة في التعاون – عدم تشجيع العمل الجماعي – تجنب الاتصال بالأفراد ...... ) .
• عدم تحمل المسؤولية , ومن صور ذلك : ( تحويل الأوراق من مستوى إداري إلى آخر – التهرب من الإمضاءات والتوقيعات لعدم تحمل المسؤولية ..... ) .
• إفشاء أسرار العمل .
2. الانحرافات السلوكية , ويقصد بها تلك المخالفات الإدارية التي يرتكبها الموظف وتتعلق بمسلكه الشخصي وتصرفه , ومن أهمها :
• عدم المحافظة على كرامة الوظيفة , ومن صور ذلك : ( ارتكاب الموظف لفعل مخل بالحياء في العمل كاستعمال المخدرات أو التورط في جرائم أخلاقية ) .
• سوء استعمال السلطة , ومن صور ذلك : ( كتقديم الخدمات الشخصية وتسهيل الأمور وتجاوز اعتبارات العدالة الموضوعية في منح أقارب أو معارف المسئولين ما يطلب منهم).
• المحسوبية , ويترتب على انتشار ظاهرة المحسوبية شغل الوظائف العامة بأشخاص غير مؤهلين مما يؤثر على انخفاض كفاءة الإدارة في تقديم الخدمات وزيادة الإنتاج .
• الوساطة , فيستعمل بعض الموظفين الوساطة شكلا من أشكال تبادل المصالح .
3. الانحرافات المالية , ويقصد بها المخالفات المالية والإدارية التي تتصل بسير العمل المنوط بالموظف , وتتمثل هذه المخالفات فيما يلي :
• مخالفة القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها داخل المنظمة .
• فرض المغارم , وتعني قيام الموظف بتسخير سلطة وظيفته للانتفاع من الأعمال الموكلة إليه في فرض الإتاوة على بعض الأشخاص أو استخدام القوة البشرية الحكومية من العمال والموظفين في الأمور الشخصية في غير الأعمال الرسمية المخصصة لهم .
• الإسراف في استخدام المال العام , ومن صوره : ( تبديد الأموال العامة في الإنفاق على الأبنية والأثاث – المبالغة في استخدام المقتنيات العامة في الأمور الشخصية – إقامة الحفلات والدعايات ببذخ على الدعاية والإعلان والنشر في الصحف والمجلات في مناسبات التهاني والتعازي والتأييد والتوديع .... ).
4. الانحرافات الجنائية , ومن أكثرها ما يلي :
• الرشوة .
• اختلاس المال العام .
• التزوير .
أسباب الفساد الإداري : يذكر ( الفقي : 2 ) أن المجتمعات تعاني من ظاهرة الفساد بسبب غيبة الرؤية وتداخل القضايا بل وازدواج النظرة أحيانا , ويضيف بأن الثقافة المجتمعية من الأسباب المؤدية لظاهرة الفساد وأن علاج الفساد يكمن في التركيز على الإصلاح الاجتماعي وليس مجرد التوقف عند الإصلاح الاقتصادي لأن – من وجهة نظره – المناخ العام في كل مجتمع هو الذي يحدد درجة تقبله للفساد من عدمه ويطرح أيضا أسلوب مواجهته سواء تم ذلك بالطرق القانونية أو الجهود الثقافية .
ويذكر مقال ( الفساد الإداري والمالي 1 : 1 ) أن الفساد يعود في الغالب إلى سببين رئيسيين , هما : الرغبة في الحصول على منافع غير مشروعة – ومحاولة التهرب من الكلفة الواجبة .
وتتعدد الأسباب المؤدية على الفساد الإداري , ويقسمها ( بحر : 3 ) إلى مجموعتين :
1. أسباب بيئية اجتماعية خارجية , وتنقسم إلى :
• أسباب تربوية وسلوكية : بعدم الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الدينية في نفوس الأطفال مما يؤدي إلى سلوكيات غير حميدة بقبول الرشوة وعدم المسئولية وعدم احترام القانون .
• أسباب اقتصادية : فيعاني أكثر الموظفين – خصوصا في الدول النامية – من نقص كبير في الرواتب والامتيازات , ما يعني عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المعيشة ومن هنا يد الموظف نفسه مضطرا لتقبل الهدية ( الرشوة ) من المواطنين ليسد بها النقص المادي الناتج عن ضعف الرواتب .
• أسباب سياسية : تواجه بعض الدول وخصوصا في الدول النامية تغييرات في الحكومات والنظم الحاكمة فتنقلب من ديموقراطية إلى ديكتاتورية والعكس , الأمر الذي يخلق جوا من عدم الاستقرار السياسي مما يهيئ الجو للفساد الإداري .
2. أسباب بيئية داخلية ( قانونية ) :
وقد يرجع الانحراف الإداري إلى سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل وذلك نتيجة لغموض مواد القوانين أو تضاربها في بعض الأحيان , الأمر الذي يعطي الموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو الذهاب إلى تفسيره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين .
آثار الفساد الإداري :يذكر مقال ( الفساد الإداري والمالي 1 , 2 ) أن الفساد الإداري له آثار كبيرة على الدولة في عدد من مناحيها , يمكن إدراجها على النحو التالي :
أثر الفساد الإداري على الإيرادات الحكومية
تخسر الحكومات مبالغ كبيرة من الإيرادات المستحقة عندما تتم رشوة موظفي الدولة حتى يتجاهلوا جزءا من الإنتاج والدخل والواردات في تقويمهم للضرائب المستحقة على هذه النشاطات الاقتصادية , بالإضافة إلى ذلك تهدر الحكومات كثيرا من مواردها عندما يتم تقديم الدعم إلى فئات غير مستحقة ولكنها تتمكن من الحصول عليه برشوة أو نفوذ أو أي وسيلة أخرى , وهذا المر يؤثر بدوره على الأداء الاقتصادي للدولة .
أثر الفساد الإداري على النمو الاقتصادي
تشير كثير من الدراسات النظرية والتطبيقية بأن الفساد الإداري والمالي له آثارا سلبية على النمو الاقتصادي , حيث أن خفض معدلات الاستثمار ومن ثم خفض حجم الطلب الكلي سيؤدي إلى تخفيض معدل النمو الاقتصادي .
أثر الفساد الإداري على مستوى الفقر وتوزيع الدخل
يؤدي الفساد الإداري إلى توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء, وهذا الأثر يتم عبر عدة طرق أهمها :
• تراجع مستويات المعيشة يؤدي إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وهذا الأمر يساعد على تراجع المستويات المعيشية .
• قد يتهرب الأغنياء من دفع الضرائب ويمارسون سبلا ملتوية للتهرب كالرشوة , وهذا يساعد على تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء .
• يؤدي الفساد إلى زيادة كلفة الخدمات الحكومية مثل : التعليم والسكن وغيرها من الخدمات الأساسية , وهذا بدوره يقلل من حجم هذه الخدمات وجودتها مما ينعكس سلبا على الفئات الأكثر حاجة إلى هذه الخدمات .
يتبع