السياسة العثمانية تجاه الاحتلال الفرنسي للجزائر
هل تخلت اسطنبول عن الجزائر ؟
________________________________________
العلاقات الفرنسية الجزائرية قبل الاحتلال
حسب الكتب والمراجع التاريخية ، فإن علاقات الصداقة بين فرنسا و الدولة العثمانية قد بدأت منذ السنوات الأولى لخلافة سليمان القانوني،فكانت بالتالي هذه العلاقة تفرض على الجزائر نفس الشيء بما أنها ولاية تابعة للإمبراطورية العثمانية.
ومازاد في توطيد هذه الصداقة هو العدواة المشتركة للإسبان ، قد تم تحالف بين فرنسا وخير الدين بارباروس في حصار قلعة نيس سنة 1543 التابعة للإمبراطور شارل الخامس.
واستغل الفرنسيون هذه الصداقة أيما استغلال فقد تمكنوا من تعيين قنصل لهم في الجزائر عام 1577 .كما حصلوا على إذن من السلطان أيصا بالسماح لهم باصطياد المرجان في السواحل الشرقية للبلاد بشرط أن يدفعوا الضريبة ولا ينشؤا قلعة، ولكن رغم هذا المنع فقد أسسوا مركزاً تجارياً أسموه «الباستيون».
وفي سنة 1604 عم الجزائر قحط ، لكن الفرنسيين قاموا بشراء المحصول الزراعي من الأهالي وباعوه خارج البلاد للأوروبين ، وهذا الأمر كان سبباً في غضب العثمانيين الذين أمروا بهدم الباستيون. وقد أعيد بناؤه ثانية عام 1628 وهدم مرة أخرى بعد تسع سنوات بسسب تردي العلاقات بين الجانبين. ولكن الوالي عام 1640 اضطر لقبول إعادة بناء هذا المركز .
وكان الباستيون يُدار من قبل شركة فرنسية خاصة ، وتم تأسيس عام 1741 شركة رسمية لإدارة أشغاله تعرف باسم «الشركة الملكية لأفريقيا» ، وحققت الشركة أرباحا طائلة ولكن بعد الثورة الفرنسية 1789 استمرت الشركة في عملها باسم «الوكالة الأفريقية» تحت إدارة تجار مرسيليا.
بين المواجهة العسكرية والمعاهدات السلمية
وقعت مواجهة عسكرية بين فرنسا والجزائر في عهد لويس الرابع عشر في النصف الثاني من القرن السابع عشر حيث قام بإرسال الأسطول الفرنسي للجزائر للحد من القرصنة في البحر المتوسط وضربت المدينة بالمدفعية ثلاث مرات . ولما لم تجد سياسة القوة تم عقد معاهدة صلح مع والي الجزائر في 1689.
ولكن بعد الحملة الفرنسية لمصر بقيادة بونابرت في 1798 أُكره والي الجزائر على إعلان الحرب على فرنسا بعد إنذار شديد من السلطان وقطع علاقاته مع فرنسا. لكن بعد تصالح العثمانيين مع الفرنسيين عادت الجزائر وأبرمت معاهدة صداقة مع فرنسا عام 1801 التي لم تسلم هي الأخرى من تقلبات السياسة. إذ صادف في عهد نابليون أن انتصرت انجلترا على فرنسا في معركة الطرف الأغر وبسطت بذلك نفوذها على البحر الأبيض المتوسط سنة 1805، فاستولى والي الجزائر على مراكز التجارة الفرنسية وأجَّرها للإنجليز وأثار هذا التصرف نابليون فبدأ يخطط للإستلاء على الجزائر فعقد مع امبراطور روسيا معاهدة «تلسيت» 1807 وأمن أوروبا من جهة ، وبدأ بتنفيذ خطته فأمر وزير الحربية بإيفاد ضابط استحكام ليقوم بجمع كل المعلومات عن مدينة الجزائر وما جاورها. وقام الضابط «بوتان» بذلك ليعود في 1808 وقد قدم تقريراً منفصلاً عن الجزائر، لكن الأوضاع لم تمهل نابليون للقيام بما أراد. ولما قامت الملكية من جديد في فرنسا جددت فرنسا علاقاتها مع الجزائر وأعيدت المراكز التجارية للفرنسيين عام 1817.
وهذه القضية - أي قضية المراكز التجارية - كان دائماً سبباً لنشوء الخلاف بين الجانبين الجزائري والفرنسي.