الديمقراطية "دراسة حول مضمون الديمقراطية على ضوء منهج جدل الإنسان" الباحث : أشرف محمود محفوظ
منذ ظهور الفكر الإنساني عامة والفكر السياسي خاصة وعلى مر جميع العصور كانت فكرة الديمقراطية هي المحور الذي يدور حول كافة الأنظمة السياسية المختلفة .
ومنذ بروز فكرة الدولة ونشأتها وتطورها وجميع الأنظمة الحاكمة يزعمون أن نظامهم هو النظام الديمقراطي حتى تلك البلدان التي لا تعرف من الديمقراطية سوى أنها نص مدرج في الدستور أو في أحد القوانين وصولاً إلى أعرق الدول انحيازاً للديمقراطية وإيماناً بأنها الهدف من وراء إتباع الحكم المختلفة .
فالديمقراطية استحوذت على خيالات الفلاسفة على مر الأزمنة فجاءت عبر المدينة الفاضلة تضع نموذج لمجتمع مثالي .. كما استأثرت بقلوب الحكام والملوك و السلاطين فجاءت عبر تنازلهم عن سلطانهم المطلق لصالح جموع الشعب .. كما سيطرت على أفكار واضعي الدساتير ومشرعي القوانين فجاء إنتاجهم الفقهي والتشريعي يضع معالم لهذه الفكرة وأساليب ممارستها.
وإن كانت درجة الوعي السياسي والفكر تؤثر بشكل أو بأخر على هؤلاء وهؤلاء فإنهم جميعاً ينسبون ما جاءوا به إلى الديمقراطية سواء بالحق أو بالباطل. ولأن فكرة الديمقراطية ليس لها مدلول محدد فقد نشب حولها اختلاف كبير لأنها من الأفكار التي مازالت في طور البحث ولم يكتشف قوانينها حتى الآن. فما أكثر التضليل والأباطيل التي تلصق بهذه الفكرة النبيلة نتيجة عدم وضوحها وتحديدها. ذلك لاقت فكرة الديمقراطية ما لم تلقاه أية فكرة أخرى من ثراء فكرى نظري ومحاولات جادة لتعريفها وكشف مضمونها وأساليب ممارستها. فكافة التعريفات التي حاولت كشف أسرار فكرة الديمقراطية إنما باءت بالفشل نظراً لأنها قد ركزت على جانب دون الجوانب الأخرى أو لأنها غير موضوعية بعيدة عن الظواهر الاجتماعية.
فالديمقراطية مذهب فلسفي سياسي اجتماعي نادى به الفلاسفة منذ قديم الزمن كما أنها نظام من أنظمة الحكم متناقض مع الأنظمة المستبدة.
فمن خلالها تتحدد العلاقة العضوية بين الحكام والمحكومين ومدى سلطات الحاكم وماهية الحريات المتاحة للأفراد ومساحة مشاركة الأفراد في صنع مستقبلهم . وهى مذهب اجتماعي اقتصادي تعمل على تنظيم الحريات الاقتصادية والعدل الاجتماعي والتوزيع العادل للثروة ولعوائد الإنتاج.
فإذا أردنا تتبع التعريفات المختلفة التي قيلت في الديمقراطية وحصر معانيها ومضامينها لوجدنا أنفسنا أمام تراث غنى يموج بالمذاهب والأفكار عن هذه الفكرة النبيلة . فكل أيديولوجيا سياسية معينة تضع تعريفاً للديمقراطية يختلف عن باقي المناهج الأخرى. إلا أنها جميعاً قد باءت بالفشل وأن كانت قدمت جوانب مهمة من الحقيقة . حتى استطاع أستاذنا المرحوم الدكتــور / عصمت سيف الدولة عبــر مؤلفه القيم " نظرية الثورة العربية " والذي أرسى من خلاله منهجاً جديداً صحيحاً صالحاً لحكم كافة تطورات المجتمعات الإنسانية ويقدم لنا منهج نرى أنه الحقيقة الموضوعية التي يجب أن نتمسك بها كما يقدم لنا من خلال رؤيته الموضوعية لكيفية تطور المجتمعات ، القوانين التي تحكم هذا التطور ، ومضمون الديمقراطية وتعريفها وذلك من خلال منهجه " منهج جدل الإنسان "